في تطور لافت يعكس تجدد التوترات الدولية على الساحة السورية، أثارت زيارة مرتقبة لوزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، إلى موسكو، ردود فعل حادة من قبل الولايات المتحدة، التي اعتبرت على لسان السيناتور الجمهوري البارز، جيم ريش، أن “الوجود الروسي في سوريا يمثل تهديداً استراتيجياً طويل الأمد يجب التعامل معه بحزم”.
حذير أميركي صارم: سوريا كمنصة للنفوذ الروسي
جاءت تصريحات ريش خلال ندوة في معهد “هدسون للأبحاث”، حيث وصف استمرار الوجود العسكري الروسي في سوريا بأنه “بوابة لعودة النفوذ الإيراني وتهديد مباشر لحلف شمال الأطلسي ومصالح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط”. وأشار إلى أن موسكو، عبر توطيد تحالفها مع دمشق، تسعى لترسيخ نفوذها في شرق المتوسط.
السيناتور الأميركي ألمح إلى أن سوريا قد تعود إلى لعب دور إقليمي مؤثر، إذا ما تم توجيه العلاقة معها بحذر، مشدداً على ضرورة أن يقترن أي تقارب أو تعاون مع ضمانات أمنية حقيقية تصب في مصلحة الشعب الأميركي، وفق تعبيره.
روسيا توسع نفوذها: رسائل سياسية خلف دعوة الشيباني
في المقابل، جاءت الدعوة الروسية للوزير الشيباني لتؤكد رغبة الكرملين في تعزيز علاقاته مع الحكومة السورية الجديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع. وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أعلن عن هذه الدعوة خلال مؤتمر صحفي جمعه بنظيره التركي هاكان فيدان، في إطار ما وصفه بالتنسيق الثلاثي الإقليمي لضمان “وحدة الأراضي السورية”.
اللافت أن لافروف لم يُخفِ رغبة موسكو في الحفاظ على “وجود محدود” في سوريا، وسط معلومات عن مفاوضات جارية مع دمشق لتوقيع اتفاقيات جديدة حول التعاون العسكري والاقتصادي، فيما وصفه مراقبون بمحاولة إعادة تموضع روسية وسط التغيرات السياسية الإقليمية.
ملف العقوبات على سوريا: هل ترتبط بطرد روسيا؟
الجدل حول الوجود الروسي أُثير أيضاً على خلفية تقارير أميركية تحدثت عن شروط رفع العقوبات عن سوريا. لكن، ووفقاً للصحفية لورا كيلي من صحيفة “ذا هيل”، فإن طرد القوات الروسية ليس شرطاً مباشراً لذلك. فالمطالب الأميركية تركز حالياً على ملفات تتعلق بإزالة الأسلحة الكيميائية، والتعاون في مكافحة الإرهاب، والكشف عن مصير الأميركيين المختفين في سوريا.
تصريحات الرئيس السوري أحمد الشرع لصحيفة نيويورك تايمز جاءت لتؤكد أن “الاتفاقيات مع روسيا لا يمكن تجاوزها بسهولة”، وأن أي وجود أجنبي يجب أن يكون “منسجماً مع القوانين السيادية للدولة الجديدة”.
التحليل: سوريا بين المطرقة الأميركية والسندان الروسي
يبدو أن سوريا عادت لتكون ساحة تجاذب بين القوى الكبرى. فعلى وقع تقارب سوري – روسي متجدد، تحاول واشنطن رسم حدود النفوذ الروسي، بالتوازي مع اختبار نوايا حكومة الشرع. الإدارة الأميركية، حتى الآن، تتبع سياسة “المراقبة الحذرة”، مع إبقاء باب الانخراط مفتوحاً – ولكن مشروطاً.
في المقابل، تدرك موسكو أن أي انسحاب جزئي أو تنازل في سوريا قد يُقرأ كضعف استراتيجي، خاصة في ظل احتدام ملفات أوكرانيا وآسيا الوسطى، وتنامي النفوذ الصيني في الإقليم.